الأرض هي الهوية....
بالأمس كانت الذكرى المؤية الثانية لانتصار واستقلال الشعب اليوناني الصديق الذي اتشرف بتمثيل وطني أمامه في مهمتي ، هذا الشعب الصديق الذي رفع شعار "الحرية أو الموت" خلال سنوات ثوراته المتعددة والممتدة في مراحل مختلفة من تاريخه حتى حقق تراثه ومكانته بين الشعوب والدول ، واليوم في ٣٠ اذار تحل علينا الذكرى ٤٥ ليوم الأرض الخالد بالثقة الحتمية بان يكون تجسيد استقلالنا الوطني الفلسطيني وحريتنا التي انتظرناها طويلا قريبة.
هذا اليوم الذي شكل مرحلة فارقة في مسار الحركة السياسية الوطنية الفلسطينية بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة عام ١٩٦٥ ، والذي أكد على الروح الكفاحية التي باتت في حينه أكثر اشتعالا وحضورا منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، في مواجهة سياسات دولة الاحتلال بمصادرة الأراضي والاستيطان الاستعماري.
"يوم الأرض" لم يكن حدثا عابرا بل فصلا تاريخي جديدا منذ ذلك التاريخ ، أكد أن الهوية الفلسطينية لشعب أصيل صاحب أرض لن تنالها كل مشاريع التهويد التي عملت الحركة الصهيونية بفرضها على "الأقلية السكانية الأصلية" في إسرائيل وإلتى يصل عدد الفلسطينين فيها اليوم الى مليون ونصف ، وإلتي بقيت متمسكة بالعيش والصمود هنالك منذ نكبة شعبنا عام ١٩٤٨ رغم كل محاولات التهجير والترحيل التي قامت بها حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد إقامة كيانها الاستعماري على أرضنا واحتلالها لهذا الجزء الحي و الأصيل من شعبنا القابض على جمر الصمود والبقاء والتمسك بهويته الفلسطينية التاريخية من خلال ما جسده مضمون يوم الأرض الخالد بالأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ داخل إسرائيل، بكفاح شعبنا من مختلف الاتجاهات الفكرية ، من خلال لجنة الدفاع عن الأراضي التي قامت بالجليل والمثلث والنقب ويافا وحيفا وعكا والناصرة و في كل القرى و المدن العربية داخل إسرائيل، والتي قدمت شهداء يوم الأرض الخالد .
و امتدادا لذلك ومنذ ذلك التاريخ ، فقد رفعت الحركة الوطنية الفلسطينية بالاراضي المحتلة في اواسط السبعينات من القرن الماضي بالقدس والضفة الغربية وقطاع غزة من خلال الجبهة الوطنية " ذراع منظمة التحرير الفلسطينية بالأرض المحتلة" بمكوناتها السياسية و التنظيمية انذاك، ومن خلال اطرها النقابية المهنية والعمالية واتحادات الطلبة والجمعيات النسوية و المجالس البلدية المنتخبة ولجان العمل التطوعي شعار " الأرض هي الهوية" ، ليتكامل كفاح شعبنا الفلسطيني اليومي ضد الاحتلال مع كفاح منظمة التحرير الفلسطينية خارج الوطن المحتل والعمل الفدائي المسلح ومع كفاح شعبنا الفلسطيني بداخل "إسرائيل" الذي ما زال يخوض معركته حتى اليوم بقيادة القائمة المشتركة ولجنة المتابعة للجماهير العربية ضد سياسات وهمجية الحركة الصهيونية والنظام الفاشي العنصري باسرائيل الى جانب كفاح كل مكونات شعبنا في كافة أماكن تواجده بقيادة. منظمة التحرير في معركة الحرية والاستقلال الوطني حتى تجسيد الحقوق القومية لشعبنا بالداخل وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام ١٩٦٧ وعودة اللاجئين وفق القرار الدولي ١٩٤ و الإفراج عن كافة المعتقلين والاسرى في سجون الاحتلال.
ويثبت التاريخ مرة تلو المرة منذ ذلك الزمن وحتى يومنا هذا ، ان صراعنا مع الحركة الصهيونية التي تقوم على العقلية العنصرية و الفكر الكولنيالي الاستعماري الذي شرع قانون الابرتهايد "قانون القومية اليهودي"، الذي لا يدرك اي معنى للسلام، ما زال قائما ، رغم تغير الظروف، ويدور في حلقة الصراع على الأرض ويتمركز حولها ، الأرض التي تشكل معالم هويتنا الوطنية وترتبط بروايتنا التاريخية ، الأرض التي لا نملك سواها وطناً غير فلسطين ، فارضنا هويتنا ، والتمسك بها هو طريقنا للحرية وللسلام العادل والاستقرار لكل المنطقة وشعوبها بما تجسده مبادئ القانون الدولي وأسس حق تقرير المصير .
الأرض هي الهوية ، هي الوجود والوطن والمصير، هي الماضي بكل حكايته، هي الحاضر والمستقبل، هي القضية بكل جوانبها وابعادها.
لذلك أصبح يوم الأرض اسم عالمي مترجم كما النكبة والانتفاضة.
نجدد العهد للأرض والوطن، نجدد العهد للهوية والبقاء والصمود في وجه من يريدون اقتلاعنا من وطننا وأرضنا في هذه الذكرى.
لشهداء يوم الأرض ولكل شهداء الحرية بالعالم المجد و الخلود.